لعلكم تعقلون

في إحدى اللقاءات التلفزيونية لعميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين، سأله أحد الشعراء الحاضرين عن سبب انصرافه عن نظم الشعر، رغم أنه كان يمارس ذلك قبل الثالثة عشر فقال - رحمه الله -..
" هذا الشعر لم يكن طبيعيًا، وإنما كان نزوة من نزوات الشباب، فلما عقلنا تركناه للشعراء".
- وإليكم بعض ما وصفه - المغفور له - بالنزوة..
...
تيمموا غير وادى النيــل وانتجعوا
فليس فى مصر للأطماع متسعُ
كفوا مطامعكم عنا أليس لكم
مما جنيتم وما تجنونــه شبــعُ
..
جلس الدكتور العبقري، أحمد خالد توفيق، ليلًا يكتب بعض الشعر المنثور، وبعدما أتمه راق له ما كتب جدًا، ثم نام راضيًا عن نفسه، عازمًا على استكمال القصيدة صبيحة اليوم التالي، فيقول - أمد اللي في عمره -، كما سرد في كتابه ( اللغز وراء السطور)..
" ثم صحوت في الصباح وأعدت قراءة القصيدة، ما هذا الهباب؟ ، هذه لعبة سهلة جدًا ويمكن أن أكتب لك مئة سطر من هذا الهراء.. ربما لو كنت مدمنًا للحشيش وحصلت على تموين كاف منه لكتبت مائتي سطر..
إن الأدب فن شديد التعقيد والمرواغة بالفعل.. من السهل أن تخدع المتلقي ليعتقد أنك أعمق مما تبدو عليه".
ويختتم توفيق مقاله ( مثل الجذمور بالضبط) ..
" أعترف أنني ضائع ولم أعد أتبين طريقي وسط هذا الضباب، برغم أن الطريق كان واضحًا منذ عشرين عامًا..
لكن من حين لآخر أعود إلى [ يوسف إدريس، ومحفوظ، وتشيكوف، وديستويفسكي، وسومورست موم، وديكنز، ويحيي حقي، وصلاح عبد الصبور، وأمل دنقل ] ؛ لأسترجع تلك الجذوة المقدسة، ولأعرف معالم الطريق الذي يوشك على أن يضيع، بنفس المنطق الذي تبحث به عن العلامات البيضاء في وسط الطريق لتتقي [ الشبورة ] ".
..
وكل لبيب بالإشارة يفهمُ..
أفلا تعقلون؟  

تعليقات