لماذا أرفض الزواج ؟

- أنت رايح فين!؟
= نازل الشغل.
- هات معاك.... و... و....وهات كريم من المدرسة.
= حاجة تاني؟
- سلامتك.
...
يرحل، ويغلق باب جهنم وراءه ورأسه مكتظة بالطماطم، بكم تكون اليوم؟
بين جدران البيت، عرق يتصبب، وعين تدمع من قوة البصل الحارقة، وأسطوانة غاز تتبدل، وصوت تشرئب له الأعناق في "شهقة" الملوخية.
في العمل، ذكر لاسم الله، ليس تقربًا، ولكن لطعم الفول اللذيذ المحمل بالجراثيم.
كريم في المدرسة، يراقب عن كثب ما أملته عليه طلائع مراهقته، وهو في الغالب على أبواب " الحب والبتنجان ".
..
لا أستطيع.. لا أستطيع أن أحيا وسط بيئة رتيبة، لا تحرك مياهها الراكدة سوى نفسنات النساء، أو مشاجرات الرجال.. لا أستطيع أن يكون أقصى طموحاتي في الحياة أن كيلو اللحمة قد نقص ثلاثة جنيهات! .. لا أستطيع أن يكون أكبر همومي هو مدرس الثانوية العامة المستغل الذي يكنز الذهب والفضة من أجل تعليم ابني! .. لا أستطيع أن أضع حسابات دقيقة، إذا تكلمت مع هذه بلطف، هل سأبيت الليلة في البيت؟ .. لا أستطيع أن أستهلك طاقتي العقلية كل ليلة في الصوت العالي الذي أحاول به أن أقنعها أن هذه كانت محادثة عمل!.. لا أستطيع أن أمتنع عن السفر " علشان الولاد كبروا ".
..
ولا هي تستطيع! .. ولا هي تستطيع أن يكون السؤال الوجودي الذي يدور في رأسها نهارًا، ليس عن نسبية أينشتاين لا! ، بل ماذا سأصنع اليوم للأكل! .. لا تستطيع أن تظل أسيرة البيت، لأنه لا يريدها أن تعمل! .. لا تستطيع أن تظل الشكوك تساورها ما إذا كان قد ابتسم لهذه، أو تجول مع تلك، أو " إنه متجوز عليا! ".. لا تستطيع أن تستهلك طاقتها العقلية في المشاحنات الأسرية بكل أنواعها! .. لا تستطيع أن تقاطع زملائها لأن زوجها " دمه حامي "! .. لا تستطيع أن تكون أكبر طموحاتها الوصول لإجازة الدولة الرسمية، لكي يتفرغ سي السيد ويصطحبهم لحديقة المعز.. لا تستطيع أن تمارس موهبتها بحرية، لأن " الست ملهاش غير بيتها وجوزها ".
..
تعلم ما تحبه.. مارسي ما تحبين.. احترفه.. لا تتركيه.. سافر حول العالم، واختلط بثقافات الشعوب.. تجولي بين القارات وأظهري موهبتك للعالم.. مارس حريتك.. استمتعي بانطلاقك.. لا تجعل، ولا تسمحين لتلك العادة الآثمة أن تنال من عظمتكما، أو أن تحول دون أن تقدموا شيئًا يخلد الذكر في التاريخ.
..
لا أستطيع أن أحيا ميتًا، ولا تستطيع هي أن تموت حية.

تعليقات